البزل القطني.. ضرورة في بعض الحالات والمخاوف

تتطلب بعض الحالات المرضية التي يصاب بها الأطفال إجراء فحوص خاصة، ويشرح الأطباء ذلك للأهل فيرفضون، وقد يوقعون ضد المشورة الطبية، وغالبا لا يكون ذلك في مصلحة الطفل المريض.
من الفحوص التي تثير الفزع لدى الأهالي، البزل القطني أو سحب السائل النخاعي الشوكي، أو ما يعرف شعبيا بسحب ماء الظهر، فما هو؟ وما هي المخاوف؟ وما هي الحقائق حول هذا الفحص المهم والضروري في بعض الحالات؟
يقصد بالبزل القطني إدخال إبرة بين فقرات العمود الفقري بين الفقرة القطنية الثالثة والرابعة، وسحب بعض من سائل النخاع الشوكي، بهدف إجراء الفحوصات عليه بُغية تشخيص المرض المصاب به الطفل.
الرعب والخوف الذي يثيره هذا الفحص مبالغ فيه إلى حد كبير، ومن دون مبرر، فالاعتقادات الخاطئة هي التي ترسخت وتناقلها الناس من دون أساس علمي، فالبعض يعتقد أن دخول الإبرة بين الفقرات سيشل الأعصاب أو يؤثر مستقبلاً على القدرة الإنجابية أو يؤدي إلى التأثير على الذكاء والفهم لدى الطفل.. الخ.
وهنا لا بد من التأكيد أن البزل القطني لا يجرى إلا لأسباب ضرورية، أي ما يعرف طبيا (باستطبابات) خاصة تستلزم فحص السائل النخاعي الشوكي للوصول لتشخيص مرض معين والأسباب تتلخص في التالي:
؟ تشخيص مرض التهاب السحايا والدماغ.
؟ تشخيص بعض الأمراض الاستقلابية والالتهابية التي تتميز بارتفاع في البروتينات، أو أنواع من الخلايا أو تشخيص النزوف التي تحدث في الدماغ وأغشية السحايا.
؟ معرفة درجة انتشار الأمراض السرطانية ومعاودة الإصابة بها، ولإعطاء العلاج الكيماوي في علاج بعض أنواع الأورام.
؟ تشخيص بعض الأمراض العصبية الخاصة مثل ارتفاع الضغط داخل الجمجمة، حيث يقاس الضغط بطريقة معينة من خلال البزل
ويستخدم بغرض التخدير النصفي في بعض الحالات.
كما يتم إجراء البزل كجزء أساسي من الفحوص التي تجرى عند الاشتباه ''بتجرثم الدم'' في الأطفال من عمر حديثي الولادة حتى الثلاث شهور من العمر، وذلك لإجراء التحاليل المختبرية على كل سوائل الجسم المشكوك في وجود الجراثيم فيها.
المخاطر
يجرى الفحص بعد اخذ احتياطات التعقيم الكاملة لمنع الالتهابات وبعد التأكد من موقع البزل، وكذلك التأكد من أن الضغط داخل الجمجمة ليس عاليا، وبهذا لا تكون هناك عادة أي مضاعفات.
قد يحدث بعد البزل صداع وغثيان وهو أكثر الأعراض شيوعا وعادة ما يستجيب للمسكنات وإعطاء السوائل عن طريق الوريد، والاستلقاء على الظهر لمدة ساعات بعد الفحص. ويمكن أن يحدث خدر وتنمل في الساق، ويحدث هذا بسبب ملامسة طرف الإبرة مع جذر العصب.
استمرار الصداع لفترة طويلة قد يثير الشك بوجود تسرب في سائل النخاع الشوكي من موقع البزل، ويتطلب هذا سد موقع التسريب عن طريق حقن دم المريض نفسه في الموقع نفسه (ولكن هذا نادرا ما يحدث). هذا العرض يحدث أكثر في الكبار ونادرا ما نشاهده في الأطفال.
مضاعفات خطيرة ولكن نادرة
في بعض الحالات القليلة جدا تحدث مضاعفات خطيرة مثل نزف في الأم الجافية، أو في النخاع الشوكي أو إصابة للنخاع أو الأعصاب الشوكية، حيث يؤدي ذلك إلى ضعف أو فقد الإحساس أو شلل نصفي، ولكن هذه الأعراض كما قلنا نادرة الحدوث جدا، حيث أن موقع البزل (L3-L4) والذي يعرفه الاختصاصيون جيداً، منخفض جدا عن موقع نهاية النخاع الشوكي L1.
حالات ممنوعة تماماً
لا ينصح بإجراء هذا الفحص أو البزل عندما يكون هناك شك أو التهاب في غشاء الأم الجافية، (epidural infection) وكذلك عندما يكون هناك التهاب في الجلد في منطقة البزل، وعندما يكون هناك استعداد للنزف كنقص في الصفائح الدموية أو نقص عوامل التخثر، أو كما ذكرنا عندما يكون هناك ارتفاع شديد في الضغط داخل الجمجمة، حيث يجب التأكد من ذلك عن طريق الأشعة المقطعية قبل إجراء البزل، حتى لا يحدث انفتاق للدماغ.
ومن الواجب التأكيد من جديد أن هذه المضاعفات نادرة الحدوث إذا اتخذت الاحتياطات الواجبة قبل إجراء الفحص، ومن واقع التجربة الطويلة فإننا لم نشاهد أيا من هذه المضاعفات الخطيرة على مدى الـ 30 سنة الماضية.

- استشاري أمراض الصدر والربو
رئيس رابطة طب الأطفال البحرينية