موضوع: الطريق إلى الحديبية السبت 09 سبتمبر 2017, 3:00 am
مرحلة الفتح والتمكين
نواصل الدراسة -إن شاء الله- عن حدث أعتقد أنه من أعظم أحداث السيرة النبوية، وأعظم أحداث الأرض بصفة عامة، وهو لحظة فارقة حقيقية في تاريخ الأمة الإسلامية، وله انعكاسات ليس فقط على الجزيرة العربية، ولكن على العالم أجمع كما سيتبين لنا إن شاء الله.
صلح الحديبية وهذا الحدث العظيم هو صلح الحديبية ويكفي في وصف عظمة هذا الحدث أن الله U سماه بالفتح المبين في سورة الشورى، وهذا الفتح ليس كما يظن بعض الناس أنه فتح مكة الذي جاء في قوله I: {إِنَّا فَتَحْنَا ل*** فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1].
فالكثيرون من المفسرين يفسرون هذا الفتح المبين بأنه صلح الحديبية، ويكفي أن الله U قد ذكر أولئك الذين اشتركوا في هذا الخروج إلى صلح الحديبية من الصحابة أن الله I قد رضي عنهم تصريحا في كتابه الكريم قال I: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُون*** تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18].
وهذا الكلام خاص بما يزيد على ألف وأربعمائة من الصحابة، وتخيل هذا الجمع الهائل من الصحابة، وقد صرح الله I أنه قد رضي عنهم فعلا، وهذا الأمر يستوجب منا الوقوف والدراسة والتأني في بحث هذا الموضوع المهم والخطير، وإننا لن نستطيع أن نفهم أبعاد صلح الحديبية إلا بدراسة أحداث العام السادس من الهجرة، فبعد نهاية العام السادس بدأ نجم المسلمين يسطع في الجزيرة العربية بكاملها، ولذلك قال الرسول بعد رجوع الأحزاب وهم يتجرعون كأس الهزيمة قال كلمته المشهورة: "الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلاَ يَغْزُونَا، نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ".
ومن ثَمَّ كانت السنة السادسة للهجرة وهي السنة التي تلت غزوة الأحزاب في مجملها مجموعة من السرايا والغزوات في كل مكان في الجزيرة العربية، ونتج عن ذلك آثار كثيرة، كلها في صالح المسلمين، فمجمل هذه الآثار أن الدولة الإسلامية أصبحت دولة مرهوبة الجانب، لها قوة ولها هيبة ولها عظمة في قلوب جميع العرب بما فيهم قريش، وأن قريشًا بدأت تفتقد إلى الأعوان وإلى الأحلاف وإلى الأصحاب، وبدأ ميزان القوة يسير في صف المسلمين على حساب قريش، وهذا الأمر سيكون له مردود مهم جدًّا في صلح الحديبية كما سيتبين لنا الآن.
رؤيا الرسول
تبدأ القصة بشيء غريب جدًّا وهو أن الرسول عليه الصلاة والسلام في شوال من السنة السادسة من الهجرة -أي بعد مرور سنة من غزوة الأحزاب- رأى رؤيا، والرؤيا أنه يدخل البيت الحرام هو وأصحابه أجمعين معتمرين، ورؤيا النبيين حق، والرسول فهم من ذلك أن عليه أن يأخذ أصحابه ويذهبوا معتمرين إلى البيت الحرام. يقول I: {لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ} [الفتح: 27].
وهذا الكلام في منتهى العجب، وتخيل أن الرسول r سيأخذ أصحابه ويذهب في رحلة جماعية إلى مكة المكرمة إلى عقر دار قريش لأداء العمرة، إنه أمر صعب جدًّا على قريش، فمنذ عام واحد فقط جاءت الأحزاب في عشرة آلاف مقاتل؛ أربعة آلاف من قريش وستة آلاف من القبائل التي تحالفها من غطفان يحاصرون المدينة المنورة بغرض استئصال المؤمنين بكاملهم، والآن بعد مرور سنة واحدة الرسول في شجاعة منقطعة النظير يأمر الصحابة y بالتجهز لأداء عمرة في مكة المكرمة، وليس بينه وبين قريش أي نوع من التعهدات، أو الصلح أو الاتفاقيات، وهذا أمر لافت للنظر، وتقبل الصحابة y هذا الأمر بلا تردد، بل اشتاقوا إلى الأمر.
والسفر إلى مكة المكرمة في ذلك الوقت سواء في عمرة أو في غير عمرة يحمل خطورة شديدة جدًّا على المسلمين، والمسلمون تحملوا الكثير والكثير قبل ذلك من قريش، وقريش لم ترع قبل ذلك أي حق للبيت الحرام ولا للبلد الحرام، وانتهكت أعرافها قبل ذلك كثيرا، ومع ذلك فالصحابة y ما ترددوا في قبول الأمر النبوي للذهاب إلى العمرة في داخل مكة المكرمة، فالرسول هنا يحاول الاستفادة قدر المستطاع من قوانين المجتمع المشرك الذي يعيش فيه.
الأعراف الدولية في ذلك الوقت والأعراف في الجزيرة العربية وأعراف قريش ذاتها تقضي بأن الذي يذهب إلى أداء العمرة في مكة المكرمة آمـن مهما كان بينه وبين قريش خلافات، هكذا كانت القوانين.
هل قريش سوف تحترم القوانين القديمة والمعروفة بحماية من يزور البيت، أو يريد أداء العبادة، أم ستقف أمام المسلمين وتمنع دخولهم للبيت الحرام؟
الخروج إلى مكة
خرج الصحابة y في ذي القعدة 6هـ سعداء وقد انشرحت صدورهم لهذه العمرة مع خطورتها، طائعين لأمر رسول الله ، وانشراح الصدر شيء مهم جدًّا، وبداية طيبة ولذلك قال سيدنا موسى u: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} [طه: 25].
لأن الإنسان عندما ينشرح صدره في عمل ما يكون أداؤه فيه أداء مميزًا، حقيقة ليس هناك أي نوع من الإكراه لصحابة الرسول r إلى هذه المهمة الصعبة.
ولكن على الناحية الأخرى نجد جميع المنافقين كرهوا أن يخرجوا إلى هذه المهمة الصعبة، وقد ترددوا كثيرًا وفكروا كثيرًا، وفي النهاية أخذوا القرار بأنهم لن يخرجوا مع الرسول إلى مكة المكرمة؛ لأن في تخيلهم أن هذا المشوار مشوار مهلك، كيف تذهب إلى قريش في عقر دارها وبسلاح المسافر، فهذا الأمر خطير فعلاً، ولذلك لم يخرج مع المسلمين إلا منافق واحد كان اسمه الجد بن قيس.
الأعراب أيضًا حول المدينة المنورة دعوا إلى الخروج، ولكنهم جميعا أبوا أن يخرجوا مع رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لذلك فهذا الصف الذي خرج من المدينة إلى مكة هو صف خالص نقي طاهر تقريبًا ألف وأربعمائة مؤمن ليس فيهم إلا منافق واحد ليس له كبير الأثر في وسط المؤمنين، ونحن رأينا في الغزوات السابقة أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- إذا خرج بصف مؤمن خالص كان النصر قريبا بإذن الله U، وسوف نرى نتائج عظيمة جدًّا في هذا الصف النقي في المدينة المنورة.
في غرة ذي القعدة سنة ست من الهجرة النبوية -أي بعد عام من الأحزاب- اتجه إلى مكة المكرمة معتمرا ومعه ألف وأربعمائة صحابي وفي رواية أخرى ألف وخمسمائة صحابي وزوجته أم سلمة رضي الله عنها، وعند ذي الحليفة -وهي الآن آبار علي، وهي المكان الذي يحرم منه القادمون من المدينة إلى مكة- أحرم الرسول r وقلد الهدي، وكان مع الصحابة y مجموعة ضخمة من الإبل ليذبحوها في مكة المكرمة، وأخذ الهدي في العمرة أمر من النوافل.
أحرم الرسول بالعمرة وأحرم الصحابة وبدءوا بالتلبية، وكل هذا يدل على أنه لم يذهب إلى مكة إلا للعمرة فقط، وهو يعلم r أن هناك عيونا كثيرة لقريش على الطريق، وأن هذه العيون -لا شك- ستنقل الأخبار إلى مكة المكرمة وأنه لا يريد حربًا في مكة، ولم يذهب المسلمون لمكة إلا للعمرة وما رآه في الرؤية هو فقط مجرد العمرة، ولذلك لم يخرج المسلمون إلا بسلاح المسافر.
قريش تصد المسلمين عن البيت الحرام
وصل الرسول إلى منطقة تسمى كراع الغميم وهي على بعد ستين كيلو مترًا، أو أربعة وستين كيلو مترًا من مكة المكرمة، وهناك فوجئ الرسول r بأن قريشا قد جمعت جيشًا، وجمعت الأحابيش؛ والأحابيش هي مجموعة من القبائل كانت تتحالف مع قريش، سميت بذلك قيل لأنهم اجتمعوا عند جبل يسمى حبشى، وعقدوا اتفاقية دفاع مشترك عند مكة المكرمة. فهذه مجموعة من القبائل تتحالف مع قريش جمعتها قريش لصد الرسول r عن أداء العمرة مع أن العرف والقانون الدولي في ذلك الوقت يسمح للرسول بأن يذهب إلى مكة معززًا مكرمًا، بل على قريش في أعرافها وفي قوانينها أن ترعى حقوق المسلمين، وأن تخدم المسلمين، وأن تسقي الحجاج، وأن تفعل كذا وكذا.
كل ذلك ضربت به قريش عُرض الحائط، وبدأت في التعامل مع الموضوع بنوع من الغدر ومخالفة القوانين ومخالفة العهود التي بينها وبين العرب قاطبة، فوجد الرسول r أن هناك جيشًا يقف عند كراع الغميم يمنع المسلمين من الوصول إلى مكة المكرمة، الموقف خطير، الرسول r في ألف وأربعمائة من الصحابة بسلاح المسافر، وعند كُراع الغميم يقف جيش قريش ومن معها من القبائل.
الموقف خطير فعلاً، فوقف وبدأ يأخذ الشورى، الرسول ما كان يتخلف عن الشورى في موقف من المواقف إلا في حالة واحدة إذا كان هناك أمر مباشر من الله U؛ لذلك لم يجمع الرسول أصحابه ليأخذ رأيهم نذهب أم لا نذهب مع خطورة الأمر, الأمر خطير ومحفوف بالمخاطر في أن يذهب المسلمون إلى مكة المكرمة لأداء العمرة في ذلك التوقيت لكن الله I يقول: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36].
أما في هذا الموقف فليس هناك وحي فلا بد من الشورى، جمع r أصحابه ليرى ماذا يصنعون أمام تجمع قريش؟ وكان هناك رأي بأن يلتف المسلمون خلف قبائل الأحابيش المتحالفة مع قريش، ويغيرون على ديارهم ومساكنهم، فيسبون ويأسرون، ويكون ذلك لهم عزة ومنعة وقوة على الكافرين، فكان ممن تكلم أبو بكر الصديق t وقال: الله ورسوله أعلم، إنما جئنا معتمرين ولم نجئ لقتال أحد، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه. رأى الصديق t أن لا نسعى إلى قتال، لا نذهب إلي قبائل الأحابيش، ولا نقاتل هذا الجيش بل نكمل الطريق في محاولة للوصل إلى هذا البيت إن كان هذا الجيش الذي وضع في كراع الغميم مجرد تخويف للمسلمين، ولن يقاتلنا، سوف نكمل الطريق ونذهب إلى العمرة في مكة المكرمة، وإن أصروا على القتال، قاتلناهم، فنحن لا نخشى القتال، ولكن لا نسعى إليه كما قال أبو بكر الصديق t.
الصحابة y قبلوا ذلك الرأي، واستحسنوه، وكذلك النبي ، ومن ثَمَّ أكملوا الطريق، ولكن قريشًا كانت مصرَّة على منع الرسول من الدخول إلى مكة المكرمة في عمرة أو غيرها؛ لذلك وضعت فرقة قوية من الفرسان على رأسهم خالد بن الوليد t في حوالي مائتي فارس، ووراءهم جيش مكة.
تشريع صلاة الخوف
وقف الرسول أمام هذه الفرقة المسلحة، وفي أثناء هذا الوقوف جاء موعد صلاة الظهر، وسبحان الله! المسلمون في أي ظرف من الظروف لا يضيعون الصلاة ولا يؤخرون الصلاة عن وقتها إلا في ظروف ضيقة جدًّا ومحدودة جدًّا تكاد في السيرة تعد على أصابع اليد الواحدة، مثل ما كان في غزوة الأحزاب قبل ذلك، ولكن عموم الأمر أن المسلمين يصلون الصلاة في أوقاتها حتى في ميادين القتال، وأنهم كانوا كثيرًا ما يصلون الصلاة على خيولهم إيماء إذا احتدم القتال، فوقف الرسول ، ووقف المسلمون معه يصلون صلاة الظهر، وكان يراقبهم من بعيد خالد بن الوليد قائد فرسان المشركين، فرأى المسلمين في صلاتهم، فالكل في ركوع وفي سجود، وتكرر الأمر أكثر من مرة أمام خالد بن الوليد، فأحسَّ أن هذه فرصة ممكنة للهجوم على المسلمين، فسأل من حوله، هل هناك صلاة تالية للمسلمين مثل هذه الصلاة؟ فقال له من حوله من المشركين الذين يعلمون بأحوال المسلمين: نعم، هناك صلاة يسمونها صلاة العصر.
فوجد خالد بن الوليد أن هناك فرصة يمكن أن يهجم على المسلمين فيها أثناء صلاة العصر ولم يخبر بذلك أحدًا من أصحابه المشركين، سبحان الله! عندما جاء وقت صلاة العصر ووقف الرسول ليصلي بالمؤمنين نزل عليه حكم صلاة الخوف وهي صلاة خاصة جدًّا؛ لأنه لا يؤديها المسلمون إلا في ظروف ضيقة جدًّا، فالمسلمون الذين في ميدان القتال والذين يخافون عدوهم أن يغير عليهم يصلون صلاة الخوف وحكم هذه الصلاة أن الإمام، وهو الرسول يصلي ركعتين ويصلي خلفه نصف الجيش والنصف الثاني لا يصلي، لأنه يقف للحراسة وبعد أن يصلي الإمام الركعة الثانية يقعد للتشهد وتسلم الطائفة التي صلت مع النبي وصلاتها ركعتان؛ لأنهم يصلون صلاة قصر للمسافر، وينصرف نصف الجيش الذي صلى، حتى يقف في الحراسة، ويأتي نصف الجيش الثاني الذي كان يقوم بمهمة الحراسة فيصلي ركعتين مع الرسول . ويعني هذا أن الرسول r في صلاة الخوف قد صلى أربع ركعات، وأن نصف الجيش صلى الركعتين الأوليين ونصف الجيش صلى الركعتين التاليتين؛ وبهذا دائمًا يوجد نصف عدد الجيش في الحراسة ونصف عدد الجيش في الصلاة، ونزل حكم صلاة الخوف في كراع الغميم. وهذا الحكم نزل أمام عيني خالد بن الوليد، ولما رأى خالد بن الوليد ما حدث من قصر الصلاة على نصف الصحابة، ووقوف النصف الآخر في الحراسة، قال كلمة عجيبة قال: إن القوم ممنوعون.
ولعل هذا الموقف كان له أثر كبير في تفكير خالد بن الوليد t في قضية الإسلام وفي إسلامه؛ لأنه أسلم بعد صلح الحديبية بشهور قليلة، ولم يقع قتال، ولم يستطع خالد بن الوليد أن يحارب المسلمين، وكان الرسول لا يريد الدخول في قتال.
المسلمون يواصلون المسير نحو مكة
أخذ الرسول الصحابة y وانحرف به عن جيش خالد بن الوليد متجنبا إياه، وبدأ في التوجه إلى مكة المكرمة لأداء العمرة مصرًّا على استكمال الأمر إلى نهايته، وخالد بن الوليد أصبح مترددًا في الدخول في القتال، وقال: إن القوم ممنوعون. ورجع بسرعة إلى مكة المكرمة يخبرهم بهذا الأمر، وأكمل الطريق إلى مكة المكرمة إلى أن وصل إلى مكان يعرف بالحديبية، وبئر الحديبية التي سميت المنطقة باسمه قريبة جدًّا من مكة المكرمة؛ لأنها بين التنعيم وبين مكة المكرمة، والتنعيم يبعد عن مكة حوالي خمسة كيلو مترات. أي أن الرسول r تقريبًا دخل في حدود مكة المكرمة نفسها، وأصبح الموقف شديد الحرج، ففي أي لحظة من اللحظات القادمة قد يحدث قتال.
ولكن قبل أن يدخل مكة المكرمة حدث أمر مفاجئ، فقد بركت ناقة الرسول ، الصحابة اجتمعوا ليدفعوا الناقة إلى القيام وإكمال المسيرة إلى داخل مكة المكرمة، ورفضت الناقة أن تقوم، فقال الصحابة: خلأت القصواء، خلأت القصواء. أي امتنعت ورفضت المسير، فقال رسول الله : "مَا خلأت الْقَصْوَاءُ وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ. ثم قال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يَسْأَلُونِي خِطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلاَّ أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا".
فالفيل الذي كان يركبه أبرهة ويحاول دخول مكة المكرمة وأمره الله U بأن لا يدخل فوقف الفيل ولم يستطيع أبرهة أن يدفع الفيل لدخول مكة، فهذا الأمر تكرر تمامًا مع الناقة النبوية؛ ولذلك قال الرسول r: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يَسْأَلُونِي خِطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا".
فالرسول قرر أنه على قدر المستطاع سيقبل بالصلح مع قريش لأن الرسول كان يشعر أن هناك وحيًا في هذه القضية. نعم، لم يكن هناك أمر مباشر إلى الرسول ، ولكنه يفهم وضع الناقة ويفهم أنها مأمورة؛ ولذلك عرف أن الله U لا يريد قتالاً بينه وبين قريش في ذلك الوقت.